الاثنين، 12 أغسطس 2013

ومن روح الطفولة نتعلم




   الإنسان تلميذ الحياة مادام فيها ، يأخذ من هذا ويعطي ذاك ، أي أنها في مجملها معادلة تأثير وتأثر ، وبذا يكون ناتج المعادلة توافق هذا الإنسان مع سنن الله في هذه الحياة.التي تُدلِل على أن كل مخلوق في هذا الكون بأسره  قائم على وجود غيره.  لا يوجد شيء يعيش بمعزل عن أي شيء ، فالكون كلٌ متكامل.
 ويتحصّل للانسان من خلال ذلك على الانسجام مع محيطه الداخلي والخارجي.
 واليوم سآدون هاهنا ثلاثة دروس  تعلمتها من تلك الارواح النقية التي تعيش بيننا والتي هي احد نعم الله علينا ، وهم الاطفال.
 من منا لا يتذكر ايام الطفولة ولا يبتسم لحقبة من الزمن كانت لها بهجتها الخاصة ؟  وفي الحقيقة الانسان بإمكانه جعل حياته رائعه فلا دخل للمرحلة العمرية هنا.  وان اردنا اكساب كل ايامنا تلك الروعه التي يظن البعض ان ايام الطفولة وحدها انفردت بها  لنتمسك بأمور كنا نفعلها ونحن اطفال وستصطبغ حياتنا كلها بإذن لله بلون النقاء. 

   1- تعلمت من الأطفال أن  انظر للكون حولي كله بتمعن وتفكير.  جرب أن تخرج طفلا وتدعه بين أحضان الطبيعة ، ستراه ينظر لكل شيء نظرة تعجب ، في نظرتهِ محاولةٌ بريئة لاستيعاب ما تلتقطه عدستاه الصغيرتان.  لا ينفك يتأمل في  كل شيء ، لا يدع أي شيء يمر من أمام ناظريه مرور الكرام دون أن يلمسه بيديه و  دون أن يسأل عنه. 

 كنت احمل ابنة أختي ذات يوم و استوقفتني نظرتها البريئة لكل ما يمر بنا ،  لاحظت أن هذا هو حال الأطفال.  فقررت استيعاب الدرس جيداً.   الكون مليء بالخفايا ، مليء بآيات ربانية تنطق بإبداعه سبحانه وتدعو إلى توحيده. بالإضافة لهذا فهذا وحده يفتح الذهن ويعيد الراحة والهدوء  للنفس .
#هذا أول درس و ما اجمله من درس.

 2- أن امسح كل ما يتعلق بمضايقات الآخرين لي والمواقف التي تأذيت بسببهم فيها.   ..امسحها بمنديل العفو و المسامحة.
 الأطفال يتشاجرون بمعدل يومي ، يتخانقون ، يبكون بملء أعينهم بسبب ضربات بعضهم البعض.  يتألمون جراء معاركهم التي قد لا تكون هينة أبداً. ولكن رغم هذا لا يمكث خصامهم غالبا اكثر من دقائق معدودة. يعودون أصدقاء وكآن شيئا لم يكن أصلاً . لا يعرف قلبهم شيء اسمه حقد أو كره. هم ببساطة يعيشون اللحظة .  وهنا من المهم جدا عدم تدخل الكبار في مشاكسات الأطفال وعراكهم . لان الكبار بكل صدق يفتقدون لتلك الروح التي تنسى الإساءة.  يعود الأطفال يلعبون سوياً وتبقى المشكلة قائمة في قلوب الكبار!  .  ذات يوم شهدت شجاراً بين طفلتين كل واحدة منهما توعدت الأخرى بالقطيعة.  ولكن ذلك ليس سوى وعيد طفولي فلم يمض سوى بضع دقائق إلا والطفلتان تنظران لبعضهما بصمت ، كانت نظرات كل منهما تفضح صاحبتها بأنها لا تقوى على التمثيل فانفجرتا ضاحكتين ، وعاودتا اللعب.   أن نتعامل مع إساءات البعض على أنها مجرد شجار أطفال أمر له انعكاسات إيجابية في تحسين العلاقات الاجتماعية بيننا. لا شيء يستحق أن نلوث قلوبنا بسببه بلون قاتم. 
#وهذا هو الدرس الثاني. بأن لا ادع أي موقف يحدث لي مع الآخر يعكر صفو حياتي.  وفي النهاية لا احد يملك القدرة على إسعادك أو إغضابك سوى نفسك. وكما قال احدهم "وما ضحكت الدنيا وما بكت ولكن كنت  انت الضاحك الباكي ".

   3-  اِحترم تُحترم ، احسن إلى الناس تُحسن إليك.  هذا درس آخر تعلمته من روح الطفولة.
 لاحظ.. الطفل ، من يعامله بقسوة في الخفاء سيعامله الطفل بقسوة في العلن ، فالطفل لم يتشرب ثقافة  المجاملات.  و من يعامله بلطف تجده قريب منه.    لم تكن القاعدة التي تقول "عامل الناس كما تحب أن يعاملوك " مجهولة عندي. ولكن ترسخت لدي اكثر من خلال ملاحظتي لخط تعاملات الأطفال مع غيرهم.  فالطفل صادق في أظهار عواطفه تجاه من حوله ، لا يعرف كيف يداريها ، ولم يتعلم كيف يرائي فيها.
  وكما قال الشاعر:   احسن إلى الناس تستعبد قلوبهم    لطالما استعبد الإنسان  إحسانُ.
   وقد قال الحق في محكم كتابه: "ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" .
(ولي حميم) وليس شخص عادي.   إياك و النفاق في العلاقات ، فصاحب الوجهين لابد من أن ينكشف . والعاقبة معه ستكون وخيمة ، فالتلاعب بمشاعر الناس أمر منبوذ من الجميع صغاراً وكبار.
  وكما قال احدهم:  "افضّل أن تقتلني بصدقك على أن تسعدني بكذبك ".  كن صادقاً في تعاملك ، وفي كل علاقة تبنيها مع من حولك  وتذكر " هل جزاء الإحسان إلا  الإحسان ".
 وان عجلة الأيام تدور فيوم لك ويوم عليك.  هذه دروس ثلاثة تعلمتها و أحببت مشاركتها معكم. وسنظل نتعلم لنرقى.    

ليست هناك تعليقات: