هل إنتباتك أفكار فجائية ، أتت في لحظة غير متوقعة لتعيد ترتيب ما سبق ، هكذا بدون إستئذان ؟
حسنا ..
أظن أننا نمر جميعا بمثل هذه اللحظات ، وتغزونا مثل هذه الأفكار ، لهذا أنا أكتب لكم اليوم تدوينتي الأولى بعد انقطاع دام سنة وثمانية عشر يوما بالتحديد!
لوهلة !
ظننت ذات يوم أن البقاء في المنزل بعد مشوار دام أربع سنوات ونصف في الجامعة - إذا ما أسقطت الفصل الذي عملت فيه بشكل المؤقت فيها - يعد جنونا غير محتمل ، لذا كنت أدع الله كثيرا بأن أحضى بوظيفة في أقرب وقت ، فالبقاء في المنزل شبح ملل كئيب خفت من احتمال ملاقاته !
ولوهلة ..
شعرت بالحزن لوظيفة كانت محتملة ولكنها لم تكن !
ولكن بعد مرور أشهر وأنا ما زلت في المنزل بلا وظيفة مستقرة إلا أنني أدركت اليوم أكثر من أي يوم مضى ، أنني سعيدة بالفرص التي ضاعت وبتلك التي لم تأتي بعد !
أستطيع أن أقول وبكل ثقة ، أنني إكتشفت ذاتي هنا " في المنزل" !
أنا اليوم أعمل على مشروع صغير خاص بي ، لكنني أعمله بكل الحب ،، وفي كل يوم أجدني مهتمة بتعلم شيء جديد فيه ..
رغم أن والدتي العزيزة كثيرا ما تقول " إن شاء الله تتوظفي وتتركي هذا عنك " !
لكنني وفي كل مرة أبتسم لها وأقول : " لن أتركه حتى إن توظفت ".. لأنه ببساطة " أنا "
أنا اليوم أشارك في أنشطة نسائية تطوعية ، قد تكون بسيطة لكن غايتها كبيرة ! ويزداد في داخلي يقين أن تغيير المجتمع ممكن بإرادة الشباب ، لن يتغير المجتمع بتنظير لا يلامس الواقع فيه .. اقترب من المجتمع ستدرك حينها مالذي يجب أن يتغير حقا
ولاشيء أجمل من نحدث تغييرا ولو بسيطا في قلوب الناشئة الصغار أعمدة المجتمع غدا . إن الأمر ليس مستحيلا بأي شكل من الأشكال..
أنا اليوم أكتب في جريدة مع مجموعة من الشباب الذي لم أفكر لوهلة أن القدر سيضم إسمي بين قائمة أسمائهم ،،
هذا الحلم الذي تكون في داخلي مع أول صرخة لمعلمة اللغة العربية وأنا بالصف العاشر ، عندما قالت بثقة أمام الجميع " ستكون هند كاتبة !" رغم بساطة السبب الذي دفعها لقول ذلك إلا أنها بثت في داخلي شيء يشبه الخيال!
ممنونة أنا لها اليوم ، ولمن أتاح لي فرصة تحقيق جزء من ذلك الحلم.. ولتوفيق لله قبل كل شيء
ما زلت في البيت بدون وظيفة حلمت بها ، لكنني في المقابل ما زلت إلى اليوم أستطيع أن أجد الوقت لكي اضحك بملئ قلبي على مشهد طريف في مسلسل، مازلت أجد الوقت لهوايات أحبها ، وفي كل يوم تجربة جديدة !
مازلت أجد الوقت لأمشي مغمضة العينين بعيدا عن كل شيء ، متحدثة بصوت عالي مع نفسي التي اراها وتراني ! مثلما كنت أفعل في الماضي تماما ..
وأنا أفعل ذلك اليوم ، توصلت لقناعة مهمه وهي " أنت ستكون أنت ، سواء كنت في البيت أو في آخر الدنيا "
إذا ما أردت أن تحدث في الحياة فارقا ، يمكنك ذلك ، فكم من شخص يذهب في كل صباح إلى مكتبه الفخم دون أن يضيف للحياة شيء جديد ! وكم من شخص في منزله مأسور في قفص الروتين الممل !
لأن المسألة المهمة لا تكمن هناك ، في المكتب أو في البيت ، أنت هو أنت ...
توصلت لهذا لأنني كنت أدعي الله بوظيفة أحدث بها تغييرا في مجتمعي ، واليوم أدركت كم كان دعائي قاصرا جدا ! أستطيع فعل ذلك حتى وإن لم أكن موظفة ، لست أدري إن كان ذلك الدعاء تغطية لشيء في داخلي ، الله وحده أعلم به مني ، لكنني استيقضت من الوهم وهذا ما يهمني .
لكن رغم هذا كله .. لا يعني أبدا أنني سأقنع بالبقاء في البيت ، او أن أقنعك أنت بالبقاء هكذا فيه ، فليس هذا هو جوهر حديثي في هذه التدوينة
إيجاد وظيفة أذهب لها بحب كل صباح هو حلم آخر سأبذل ما بوسعي لأصل إليه ، فلا أجمل من أن توسع رقعة الأثر التي سنتركها ذات يوم خلفنا ..
ما أريد أن أقوله يا صديق.. يا من تتذمر ببقائك في المنزل ، أو ربما أنت الآن تتذمر في وظيفتك ،، لأنك ببساطة لا تفعل ربما سوى التذمر ، انظر لنفسك قليلا .. اجعلها محطة لابد أن تنطلق منها .. فالحياة يا صديق لا تنتظر المتأخرين..
قبل أن تحظى بوظيفة اسعى جاهدا لشغل الوقت الناجم عن عدم توفرها ،، وقبل أن تغادر وظيفتك بعد أن يمر قطار العمر اغتنم الفرصة فيها ، لتتركها بعد ذلك وقد كنت شيء يستحق أن يذكر.
أخيرا تذكر يا صديق .. لوهلة قد نظن جميعا أن العالم أدار ظهره لنا ، لسبب أو لآخر .. لكن .. وأنت تظن ذلك إلتفت قليلا لنفسك.